الخميس، 28 ديسمبر 2017

طائفية معلنة واخرى غير معلنة

طائفية معلنة واخرى غير معلنة
كثير ما جرى نقاش بين اشخاص اعرفهم ان كان ان النظام السابق طائفيا ام لم يك، حقا انه سؤال محير ولكن الإجابة عليه بانت واضحة وضوح الشمس بعد حرب تحرير الكويت وبعد ان قامت الانتفاضة الشعبانية أو فيما يدعوه بصفحة الغدر والخيانة، اذ طالعتنا صحيفة القادسية او الثورة على ما اذكر بسلسلة مقالات رائحة طائفيتها تزكم الانوف وتدحض كل الآراء التي كانت تقول بعدم طائفية النظام وكانت المقالات بقلم رئيس الجمهورية المخلوع وقيل ان كاتبها هو الاستاذ عبد الجبار محسن وقبل ان استرسل في موضوعنا دعوني اذكر لكم حادثة تبين المشاعر الطائفية على المستوى الشعبي وكيف كان عموم الشعب يتعامل معها.
في اواسط تسعينات القرن الماضي كانت لي بنت آنذاك في الدراسة المتوسط سألتني ذات يوم قائلة ... بابا احنه شيعة لو سنة؟!!!.
نزل علي السؤال نزول الصاعقة ولم اتمكن من اجابتها اول الأمر فقلت لها... بابا انتي شلج بهالسوالف الما توكل خبز؟, فقالت... بابا الطالبات والمدرسات باستمرارهذا موضوعهن فقلت لها ... بابا اذا واحد يسأل أخبريه باننا اسلام وبس ولا اعرف ان كنا شيعة ام سنة.
تصوروا ان بنت تصل مرحلة المتوسط في الدراسة (اي ان عمرها بين الثالثة عشر و السادسة عشر ) ولا تعرف عائلتها شيعية كانت ام سنية !!!، ان لهذه الحقيقة دلالة واضحة على كون المشاعر الطائفية لم يك لها تأثير في المجتمع وان المجتمع آنذاك كان يعيش حالة تناغم ووئام بين مختلف أديانه وطوائفه،  فجارك الذي يسكن جنبك تهتم به وتقف متأهبا لمساعدته في كل ما يحتاجه بغض النظر عن كونه من اي قومية او من اي طائفة او من اي ديانة، ولسيد المفوهين الامام علي (ع) كلمة بهذا الشان اذ يقول فيها ...(الناس صنفان فمن لم يك اخوك في الدين فهو نضيرك في الخلق). والنضير في الخلق هنا تعني الانسانية، هكذا كان المجتمع والمفاهيم الاجتماعية المعلنة، فاشاعة الطائفية لا تلقى قبولا بين الناس وهي صفة مدانة اجتماعيا قبل ادانتها قانونيا،  ولكن السلطة آنذاك كانت تنظر للطائفية بعين نصف مفتوحة!!!... كيف؟.
بعض مفاصل في الدولة وبعض المناصب القيادية لا يحتلها الامن كانت طائفته تتناغم مع طائفة معينة، قد تحاججني بالقول ان اذكر لك منصب او وظيفة لا يوجد فيها شخص من الطائفة الفلانية اقول لك... نعم ما تقوله صحيح لكن لهؤلاء ورغم تواجدهم في كل زاوية وحدب وصوب الا ان لهم خطوط حمراء في التدرج الوظيفي لا يمكن ان تجاوزها!!!. 
يعني وبكل وضوح ان الدولة والقيادة كانت تمارس نوعا من الطائفية غير المعلنة !!!، اما الآن فطائفية الدولة في كل شيء وبشكل علني رغم ما يشاع من تمثيل طائفي وعرقي في كل المناصب والوظائف الا ان طائفية الدولة واضحة وضوح شمس الضحى وسبب كل هذا تدخل الدين في السياسة والدولة، الدولة التي يجب ان تكون ابا بالتبني للجميع دون استثناء،  فمن المعلوم ان الدين لابد ان تصاحبه الطائفة (لا دين بلا طائفية)،  وتدخل الدين في الدولة او الحكومة يؤدي الى تآكلها فيحرف قراراتها لما يخدم مبادئه وكذلك تفعل السياسة مع الدين فتجير قرارات الدولة لحساب اهداف الدين والطائفة !!!، اذن شعار ابعاد الدين عن الدولة والسياسة يمثل اللبنة الأساسية لنجاح الدولة العصرية وكما قال القائد صلاح الدين الأيوبي عند فتح بيت مقدس... الدين لله والوطن للجميع.
الخلاصة:
ابعاد الدين عن السياسة والدولة هدف اساسي من أهداف الدولة المدنية لذلك يحاربها رجال الدين لكونها تعمل على تقويض سلطتهم لبناء،  دولة عصرية تكون هويتها الرئيسية هي المواطنة ولا بأس في تكون هويتهم الثانوية عرقهم وانتمائهم العشائري... بربكم أشكل الدولة هكذا انجع ام دولة تتاكلها الصراعات الطائفية والقومية والاعتبارات الأخرى..؟؟؟!!!.